بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين

لا يخفى على عاقل الأهمية البالغة للبحث العلمي في بناء الدولة وتأسيسها التأسيس العلمي والمنهجي الذي يضبط إيقاع مؤسساته لتعمل متناغمة ومنظمة ومتسقة مع الأطر والمبادئ العلمية للتنظيمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية والعسكرية وغيرها، كما أن مراكز البحوث والدراسات العلمية تعد مصانع للتفكير وإنتاج وتوطين المعارف والعلوم وتقديم المشورة في مجالات التطوير والإبداع والابتكار ومعالجة المشاكل والمختنقات المجتمعية والمؤسسية وتقديم الحلول والرؤى والتنبؤات والمؤشرات حول الماضي والحاضر و استشراف المستقبل، فالبحوث والدراسات العلمية عنوان رقي وتحضر الشعوب وأساس فهم وتفسير الماضي بنجحاته إخفاقاته، والتعاطي مع الحاضر وتشابكاته، واستشراف المستقبل وآفاقه التقنية والتكنولوجية والبيئية والنظامية والفكرية والأدبية والإنسانية، والاستعداد للمستقبل المتسم بالغموض في طبيعته وديناميكيته ومسارات تأثيراته في تغيير الأنماط الإنسانية والقيم التي ستتشكل عليها الحضارة الإنسانية.
المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية استأنف نشاطه في مجال البحوث والدراسات العلمية منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي كمؤسسة متخصصة موكل لها مهام التحليل والتقييم والتنبؤ واستقراء الظواهر الإنسانية والتطبيقية المختلفة، وهي المؤسسة الرافد للأمن القومي الليبي منذ نشأته عام 1995م، وأنيط به بالإضافة لاستخدام أدوات البحث العلمي ومناهجه وطرائقه مهمة تقديم الخبرة والدعم الفني والمشورة العلمية لقيادات الدولة الليبية بمختلف صنوفهم ومستوياتهم بمنظومات وهياكل ومؤسسات الدولة،، بالإضافة للإسهام في بناء العقول والكوادر والقدرات وتأهليها لممارسة الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية برؤية علمية منهجية وفكر إستراتيجي قادر على رسم وبناء الخطط والبرامج والإستراتيجيات والتنبوء بالمشاكل والكواراث والأزمات وتطوير السيناريوهات وصياغة وتنفيذ الحلول والتوصيات.
مر المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية خلال مسيرته وتطوره بظروف وأوضاع هيأت له الانطلاق والنجاح تارة، والتعثر والانزلاق تارة أخرى، وضم المركز خلال تلك الأوضاع والظروف نخبة من الكفاءات والخبرات كانت لهم بصماتهم المشرفة في تاريخه، منهم من فك ارتباطه بالمركز ومنهم من استكمل عطاءه ومسيرته معنا، وقد حرصنا منذ تولينا مهام إدارة المركز على إعادة هيكلة المركز وأدواته وتطوير خططه وبرامجه بالاستعانة بعلماء وكفاءات وخبرات من أساتذة الجامعات الليبية والخبراء والمستشارين والمبدعين ، وحرصنا على توطيد أواصر الصلة والتعاون العلمي والتنسيق مع المؤسسات العلمية والمراكز البحثية والجامعات وقطاعات الدولة في مجالات البحث العلمي وتقديم خدمة المشورة والرأي والسعي جاري لتنفيذ مشاريع علمية بحثية ودراسات مشتركة معهم، كما قمنا بوضع خطة علمية مدروسة لتشجيع حركة التأليف والترجمة والنشر بمعايير وضوابط وقوالب منسجمة مع معايير الجودة في البحث العلمي في الموضوعية والشفافية والتحسين والتطوير المستمر. إن المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية مؤسسة وطنية تنتهج مبدأ تحييد الآراء والقيم والتوجهات الشخصية جانبا، والعمل في خط متوازي مع أطر ومؤسسات ومكونات الدولة للحفاظ على تماسكها وفاعلية هياكلها وقواعدها ومكوناتها السياسية والاجتماعية والثقافية تحقيقا للتنمية الشاملة والمستدامة وتطوير منظوماتها، وصولا لتحقيق الغاية والهدف الأسمى وهي صون السيادة الليبية وتناول القضايا التي تشكل تهديدات للأمن القومي الليبي والسيادة وكرامة ورفاهية المواطن بالدراسة والبحث والتحليل والتقييم.
بدأنا العمل والإنجاز من حيث انتهى من سبقونا بقيادة دفة المركز، وإنا على الله متوكلون، ومع سواعد وعقول كفاءاتنا وكوادرنا وخبراتنا الأحرار الوطنيون الشرفاء على منهج أشرف الخلق سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين سائرون، وللوطن وعزته وسيادته وكرامة شعبه بإذن الله وتوفيقه منتصرون. حفظ الله ليبيا وشعبها

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته